بينما تواصل سلطنة عُمان مسيرتها الطموحة نحو تحقيق الأمن الغذائي وتعزيز استدامة القطاع الزراعي، يُعتبر المعرض الزراعي الغذائي العُماني ٢٠٢٥ بمثابة المحفل الدولي الأبرز الذي يجمع تحت سقف واحد قادة الصناعة والمستثمرين والمبتكرين من مختلف أنحاء العالم. تُعقد النسخة السابعة من هذا المعرض الحيوي خلال الفترة من ١ إلى ٣ ديسمبر ٢٠٢٥ في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض في مسقط، تحت رعاية وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، مما يجعله منصة استراتيجية لاستكشاف الفرص الجديدة، وعرض الحلول المتقدمة، وتعزيز الشراكات التي تساهم في استدامة البلاد على المدى الطويل ونموها الاقتصادي.
يمثل المعرض هذا العام حدثاً محورياً في ظل التطورات الديناميكية التي تشهدها قطاعات الزراعة والغذاء ومصايد الأسماك في عُمان، والتي تلعب دوراً أساسياً في تنويع الاقتصاد وتعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات. وتأتي هذه الجهود تماشياً مع رؤية عُمان ٢٠٤٠ التي تهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي، وتطوير إدارة الموارد المستدامة، ودفع التنوع الاقتصادي من خلال الابتكار والاستثمار في هذه الصناعات الرئيسية.
تشير أحدث البيانات إلى أن سلطنة عُمان حققت قفزات نوعية في مجال الأمن الغذائي، حيث بلغت نسبة الاكتفاء الذاتي في القطاع الغذائي ٦٥٫٨٪، موزعة على المنتجات الزراعية بنسبة ٤٩٫٤٪، والمنتجات الحيوانية بنسبة ٨٧٫٣٪، والأسماك بنسبة ١٤٤٫٥٪، والصناعات الغذائية والمشروبات بنسبة ٦٦٫٤٪. وقد تفوقت عُمان في مؤشرات الأمن الغذائي عالمياً، حيث كانت الأكثر تحسناً في العالم خلال الفترة من ٢٠١٢ إلى ٢٠٢٢ وفقاً لمؤشر الأمن الغذائي العالمي الصادر عن وحدة Economist Impact، محتلة المركز ٣٥ عالمياً والثالث في مجلس التعاون الخليجي.
جدول يوضح نسب الاكتفاء الذاتي للسلع الغذائية الرئيسية في عُمان:
| السلعة الغذائية | نسبة الاكتفاء الذاتي |
|---|---|
| الأسماك | ١٤٦٪ |
| الفيفاي | ١١٠٪ |
| الخيار | ١٠٠٪ |
| التمور | ٩٩٪ |
| الشمام | ٩٨٪ |
| الفلفل | ٩٦٪ |
| الحليب | ٩٦٪ |
| البيض | ٩٥٪ |
| الدواجن | ٦٢٪ |
| اللحوم الحمراء | ٤٥٪ |
| البطاطس | ٩٪ |
| القمح | ٢٪ |
تواجه عُمان مجموعة من التحديات في مسيرتها نحو تحقيق الأمن الغذائي، أبرزها التحديات الطبيعية مثل ارتفاع درجات الحرارة ومحدودية تخزين السدود وكميات إنتاج المياه المحلاة ومتوسط كميات الأمطار. كما تبرز تحديات جغرافية تتمثل في تقديرات نمو المساحات المزروعة، وتحديات ديموغرافية ترتبط بمعدلات النمو السكاني وتوفر الأيدي العاملة في القطاع الزراعي.
في المقابل، تمتلك عُمان فرصاً هائلة لتطوير القطاع الزراعي والغذائي، حيث تبلغ مساحة الأراضي الزراعية أو القابلة للاستصلاح حوالي ٥٫٥ مليون فدان، تمثل نحو ٧٫٥٪ من إجمالي مساحة السلطنة. كما بلغت المساحة المزروعة بنهاية عام ٢٠٢٤ نحو ٣١٢ ألف فدان، ويعمل في القطاع الزراعي أكثر من ٢٥٦ ألف عامل عُماني.
يقام المعرض الزراعي الغذائي العُماني ٢٠٢٥ تحت رعاية وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، مما يؤكد الأهمية الاستراتيجية لهذا الحدث في السياسات الوطنية لتحقيق الأمن الغذائي. وتأتي هذه الرعاية في إطار الجهود المتواصلة التي تقوم بها الوزارة لتعزيز القطاع الزراعي والسمكي، حيث تشرف على العديد من المشاريع الاستثمارية والبرامج التطويرية التي تهدف إلى تحقيق مستهدفات رؤية “عُمان ٢٠٤٠”.
يسعى المعرض إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، أبرزها:
يشمل هذا القطاع عرض أحدث الابتكارات في مجال الزراعة الذكية والآلات الزراعية المتطورة والحلول الرقمية التي تساهم في رفع كفاءة الإنتاج الزراعي. وتشمل التقنيات المعروضة أنظمة الري الحديثة، وأدوات الزراعة الدقيقة، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في إدارة المزارع، وحلول إنترنت الأشياء لمراقبة المحاصيل والتربة.
يُعرض في هذا القطاع كل ما يتعلق بزراعة المحاصيل، بما في ذلك البذور المحسنة، والأسمدة المتطورة، وطرق الزراعة الحديثة، والتقنيات المتقدمة في إدارة المحاصيل. ويهتم هذا القطاع بشكل خاص بتسليط الضوء على جهود عُمان في تطوير أصناف جديدة من المحاصيل ذات إنتاجية وجودة عاليتين، ومقاومة لدرجات الحرارة والجفاف، مثل أصناف القمح العُماني (صنف وادي قريات ٢٠١٠ ووادي قريات ٢٠٢٦ وجبرين) التي تمت تجربتها في حقول المزارعين، وتراوحت كمية الإنتاج لهذه الأصناف ما بين ٢ إلى ٢٫٥ طن للفدان.
يتضمن هذا القطاع عرض حلول ومعدات تربية الحيوانات، ورعاية الماشية والدواجن، وإنتاج الألبان، والرعاية البيطرية. كما يسلط الضوء على المشاريع الاستثمارية المتقدمة في مجال إنتاج الحليب والدواجن وبيض المائدة، من بينها شركة مزون للألبان والصفاء للأغذية وشركة المزارع الحديثة للدواجن.
يحظى هذا القطاب باهتمام خاص في المعرض، حيث تشهد عُمان طفرة في مجال الاستزراع السمكي، مستهدفة تحقيق إنتاج يصل إلى ٢٢٠٬٠٠٠ طن متري بحلول عام ٢٠٣٠ بقيمة مستهدفة تبلغ ٨٨٣ مليون دولار. ويعرض هذا القطاب أحدث التقنيات في مجال تربية الأسماك وإنتاج المأكولات البحرية والمعدات ذات الصلة.
يُعنى هذا القطاع بعرض الأطعمة المصنعة والمشروبات والمنتجات المتخصصة، بالإضافة إلى حلول تغليف وتخزين المواد الغذائية. ويسلط الضوء على الجهود العُمانية في تطوير الصناعات الغذائية المحلية التي بلغت نسبة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي ٠٫٧٪ في عام ٢٠٢٤ بقيمة ٣٥٣ مليون ريال عُماني.
نظراً للأهمية البالغة لقطاع المياه في تحقيق الأمن الغذائي، يخصص المعرض مساحة لعرض التقنيات المبتكرة في إدارة الموارد المائية، including تقنيات الري الحديثة، وأنظمة تحلية المياه، وتقنيات ترشيد استهلاك المياه في القطاع الزراعي.
يتضمن المعرض برنامجاً غنياً من المؤتمرات وورش العمل المتخصصة التي يشارك فيها نخبة من الخبراء والمستثمرين وممثلي الجهات ذات العلاقة، بهدف التوصل إلى مخرجات عملية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع في المرحلة القادمة. وتتنوع موضوعات هذه الفعاليات بين استعراض أحدث التطورات في مجال الزراعة المستدامة، ومناقشة سبل مواجهة التحديات المائية، واستشراف مستقبل الأمن الغذائي في ظل التغيرات المناخية.
يُعتبر مختبر الأمن الغذائي ٢٠٢٥ أحد أبرز الفعاليات المصاحبة للمعرض، حيث يركز هذا العام على مراجعة البرنامج الاستراتيجي للقطاع وتقييم المشروعات القائمة والعمل على تجاوز التحديات التي تعيق تنفيذها. ويرتكز المختبر على عدة محاور رئيسية:
تنظم إدارة المعرض جولات ميدانية وعروضاً حية للآلات والمعدات الزراعية المتطورة، مما يتيح للزوار فرصة الاطلاع بشكل عملي على أحدث التقنيات في مجال الزراعة والغذاء.
يجمع المعرض الزراعي الغذائي العُماني ٢٠٢٥ تحت سقفه مجموعة متنوعة من المشاركين، including:
يتوقع أن يستقطب المعرض آلاف الزوار من المهنيين وأصحاب الاختصاص، including:
يقام المعرض خلال الفترة من ١ إلى ٣ ديسمبر ٢٠٢٥ في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض في مسقط، مع ساعات عمل يومية من الساعة ١١ صباحاً حتى ٧ مساءً. ويقع مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض في منطقة متكاملة على بعد أربعة كيلومترات فقط من مطار مسقط الدولي، ويُعد من المرافق العالمية المتطورة التي صممت وفق معايير LEED الصارمة للمجلس الأميركي للمباني الخضراء.
يوفر المركز بيئة مثالية لاستضافة الفعاليات الدولية الكبرى، مع مساحات واسعة للعرض، وقاعات مؤتمرات مجهزة بأحدث التقنيات، ومناطق لاستضافة الوفود والضيوف، ومرافق خدمات متكاملة تلبي احتياجات المشاركين والزوار.
من المتوقع أن يسهم المعرض في تعزيز الاستثمارات في القطاع الزراعي والغذائي في عُمان، حيث تشير البيانات إلى وجود ٤٠٧ مشروعات غذائية قائمة حتى نهاية أغسطس ٢٠٢٥ بإجمالي استثمارات قدرها ١٫٧١٧ مليار ريال عُماني، موزعة على عدة قطاعات: ٢٦٤ مشروعاً في قطاع الثروة النباتية بقيمة ٤٣٩٫٩ مليون ريال عُماني، و٦٠ مشروعاً في قطاع الثروة الحيوانية بقيمة ٣٠٨ ملايين ريال عُماني، و٥٩ مشروعاً في القطاع السمكي بقيمة ٦٠١٫٣ مليون ريال عُماني، و٢٤ مشروعاً في قطاع موارد المياه بقيمة ٣٦٨٫٣ مليون ريال عُماني.
من المرتقب أن يساهم المعرض في نقل أحدث التطورات التكنولوجية والابتكارات في المجال الزراعي والغذائي إلى عُمان، مما يعزز من كفاءة القطاع وإنتاجيته. وتشمل هذه الابتكارات تقنيات الزراعة الذكية، وأنظمة الري المتطورة، وحلول التغليف والتخزين الحديثة، وتقنيات تحلية المياه المناسبة للقطاع الزراعي.
يشكل المعرض منصة مثالية لإقامة الشراكات الدولية بين الشركات والمؤسسات العُمانية ونظيراتها الإقليمية والدولية، حيث تسعى عُمان إلى تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية مثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) التي تعمل على مساعدة عُمان في الوصول إلى أسواق جديدة، كما يتجلى في فتح أسواق في روسيا وفيتنام والبرازيل مؤخراً، مع استمرار الجهود لإقامة سوق في الصين.
يمثل المعرض الزراعي الغذائي العُماني ٢٠٢٥ محطة فارقة في مسيرة عُمان نحو تحقيق الأمن الغذائي والاستدامة الزراعية، حيث يجسد التزام السلطنة بتحقيق مستهدفات رؤية “عُمان ٢٠٤٠” في بناء اقتصاد متنوع ومستدام. ويأتي هذا الحدث الدولي تتويجاً للجهود الكبيرة التي تبذلها الوزارات والجهات المعنية في تعزيز القطاع الزراعي والسمكي، وتطوير البنية الأساسية اللازمة، وجذب الاستثمارات النوعية، وبناء الشراكات الاستراتيجية.
من خلال هذا المعرض، تؤكد عُمان على عزمها الراسخ في تحويل التحديات إلى فرص، والاستفادة من الموارد الطبيعية المتاحة بشكل optimal، وتبني التقنيات الحديثة والابتكار في تعزيز الإنتاجية والكفاءة. كما يبرز المعرض الدور المحوري للقطاع الخاص في دفع عجلة النمو في القطاع الزراعي والغذائي، والمساهمة في تقليل الاعتماد على الواردات، ورفع نسبة الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الأساسية.
في الختام، يُعتبر المعرض الزراعي الغذائي العُماني ٢٠٢٥ أكثر من مجرد فعالية تجارية، إنه تجسيد حي لرؤية مستقبلية طموحة، وفرصة ثمينة لجميع المعنيين بالقطاع الزراعي والغذائي للمساهمة في صياغة مستقبل الغذاء في عُمان، والانطلاق نحو آفاق جديدة من الاستدامة والاكتفاء والازدهار.